كلمة شهر سبتمبر
كلمة شهر سبتمبر 2016
….. لا مناص من أن المفهوم يسير دائما إلى توسع حسب توسع شؤون الحياة وتفرع قضاياها المتلونة . ولعل البقاء على المفهوم الواحد من دون توليد وقياس وتوسيع هو في حد ذاته ظلم وحرمان وغمط للحق الذي أعطاه الله تعالى لقيم الحياة التي كتب لها التوسع ، كما كتبها للسماوات وهو خالقها بقوله ( والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون)(الذاريات ) ، وكما كتبها للنبات والشجر في قوله ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثتبت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ) ( إبراهيم ).
و أحسب أن أمانة الأستاذ الباحث في الجامعة هي في حقيقتها أمانات في شكل منظومة محكمة النسج ومضبوطة الهندسة ، عليه أن يتبصرها ويلبسها لبوسا لاينزع أبدا ، وإلا خرج عن الحساب و زاغ عن سواء السبيل .
أولاها أمانة الكفاءة : ونريد بها حسن إحكام امتلاك ناصية التخصص منهجا و معرفة ،إذ يستقى التخصص من عمق معين مشروعي الدكتوراه و الماجستير . وهما المؤهلان للأستاذ تحصيلا وتوصيلا في خط واحد متكامل . وذلك لتعميق معرفة التخصص وتوسيع الإحاطة به ، فيتمكن من توصيله بالصورة المطلوبة المقبولة ، فيحسن التكوين ويستقيم عوده ، وتؤدى الرسالة على الوجه الأتم وتقدم على الصورة الأكمل . فمن كان اختصاصه في البلاغة يحسن أن يسلم له مقياس البلاغة ليصيب به كثيرا و يفيد به جليلا … وهذا – برأينا – هو المحمود الممدوح .
وسؤالنا اليوم : فهل على هذه الشاكلة تسير أمورنا البيداغوجية بالجامعة اليوم ؟؟؟؟
و الجواب : لقد أبصرنا ما نسبته تقرب الخمسين بالمائة إن لم تكن أكثر تسير على غير هذا القياس . وكل ما في الأمر هو عشوائية تسليم المقاييس للأساتذة الرسميين عامة والمؤقتين خاصة ….. والمهم في ذلك عند هم أن يكون له ساعات ، وأن يظفر الطلبة بأستاذ المقياس ، وأن تطمئن الإدارة على طلبة يدرسون ….. ولا يهم بعد ذلك سؤال الكيف …ولا سؤال الكفاءة …. ولا سؤال الانتظام …. و لا سؤال الالتزام ….
أ.د عمار ساسي
مدير مخبر اللغة العربية وآدابها